Home Artikel محاضرة آمنة ودود محسن في جاكرتا

محاضرة آمنة ودود محسن في جاكرتا

1252
0

blogspot.comعقدت كلية أصول الدين والفلسفة بجامعة “شريف هداية الله” الإسلامية الحكومية جاكرتا محاضرة عامة بعنوان: “قراءة نسوية: الغزالي وطبيعة الإنسان في فلسفة الأخلاق” في التاريخ 4 يونيو 2009هـ، ألقتها أ.د. آمنة ودود محسن، وهي التي أفجعت العالم الإسلامي أجمع حين تجرأت على الله وسنت في الإسلام سنة سيئة وهي صلاتها بالرجال والنساء في صفوف مختلطة، وإلقاء خطبة الجمعة قبلها في الكنيسة الكاتدرائية بنيو يورك عام 2005. وعادت تؤم وتخطب لصلاة الجمعة في التاريخ 17 أكتوبر 2008 في مركز أكسفورد قبل المؤتمر عن الإسلام والنسوية.

وفي الجامعة الإسلامية الحكومية بجاكرتا، أعربت آمنة ودود في بداية كلماتها بأن محاضرتها مرتكزة على خطاب المساواة بين الرجل والمرأة، لأن فلسفة الأخلاق في تراث الفكر الإسلامي غير مؤسس على مثل هذه المساواة والعدالة. فقالت:

Particularly I will be reading for gender because when you look at the ethical tradition in Islam, this ethical tradition was not base on equality between woman and man.

وقد كان نقدها على فلسفة الأخلاق في التراث الإسلامي منحصر على التراث الفكري للإمام أبي حامد الغزالي، و خاصة في باب النكاح من كتابه الإحياء. وقد اتهمت آمنة بأن الغزالي قد أعطى تعريفاً شاذاً عن مكانة المرأة. وذلك أن الغزالي حسب نظرها، عرّف أن المسمى بالإنسان هو الذي له سبع فتحات (فوهات/orifices)، في حين أن هذا التعريف لا يشمل إلا على الرجل، لأن المرأة لها ثماني فوهات. فانطلاقاً من هذا التعريف، أصبحت المرأة خارجة عن جنس الإنسان.

ثم قالت آمنة بأن مثل هذ ا التعريف للإنسان لا يتأتى إلا من تأثير تراث المانوية والإغريق والروم ثم اقتبسه الغزالي وأدخله إلى التراث الإسلامي. ومن الأسف، أن آمنة لا تؤيد دعواها بإدراج نصوص الإمام الغزالي التي تشهد على صحها.

 

عقيدة التوحيد على أساس المساواة بين الرجل والمرأة

بينت آمنة بأن لفظ “التوحيد” مشتق من “وحّد”، وهذا يشير إلى معنى الفعّال والنشاط (active). فمعنى التوحيد عند آمنة هو أن الله يوحّد كل شيء في هذا العالم. ويكون فاعل التوحيد هو الله وليس المخلوق. فالله الذي يوحّد بين عالم الغيب والشهادة، وبين الذكر والأنثى، وبين التنـزيه والتشبيه، وهلم جرا. والتشبيه عندها بمعنى الجمال، لأن الإنسان شبيه بالخالق، وهذا يتعلق بأخلاق الإنسان حيث يوقظ روح التسامح بين الأفراد.

والغريب أن الشخص الذي يُعد من أبرز المثقفين اللبراليين المتفوقين مثل آمنة ودود، تخطئ مرات عديدة كلما ذكرت الآية الأربعين من سورة غافر، فقالت: مَنْ عَمِلَ عَامِلٌ صَالِحٌ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ أُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، بدل من “وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ” مع أن هذه الآية تُعد من الآيات الرئيسة التي استدل بها كثيراً أصحاب الفكرة النسوية لتأييد آرائهم ومواقفهم. وعلاوة على ذلك فإن ألحانها الكثيرة تدل على سوء فهمها بالعربية، ومن ثم تدل على نقص كفاءتها للقيام بتفسير الآيات القرآنية.

وفي ختام المحاضرة، تؤكد آمنة آراءها متسترة بخمار الإنسانية، فقالت: “يجوز لكم أن لا توافقوا، ويجوز لكم أن لا ترغبوا، ولكن لا يجوز لكم أن تعتبروا الآخرين ناقصي الإنسانية بالنسبة إليكم، إن كنتم تؤمنون بالله والتوحيد. وبالرغم من أنهم مختلفون جميعاً، فأصلهم من الله كلهم. ولذلك فكل الإنسان متساوٍ، إما هو مسلم وإما كافر، إما هو ذكر وإما أنثى، إما هو فاعل اللواط وإما غير فاعله. فلكم أن لا توافقوا، ولكنهم أناس متساوون!”

(You don’t have to agree, you don’t even have to like, but you cannot define or consider the other as less human than youself, if you belieft in Allah and if you belieft in tauhid. Because even if they are all different, they are held together by the same Reality of Allah oneness. And so therefore moslem or not moslem that is too equal, male-female, masculine-feminine, man-woman, homosexual – non homosexual, you may not agree but they are equally human!)

 

وعندما سألها أحد المشاركين عن موقف إحدى رائدات النسوية الإندونيسية القائلة بأن الله لا ينظر إلى الرغبة الجنسية ولكن الله ينظر إلى التقوى فقط، وأن قمة المساواة في النسوية هي فعل السحاق، لأن في السحاق عدم اعتماد المرأة على الرجل في إشباع رغبتها الجنسية. فأجابت آمنة: “إن الإسلام يتطلب الإيمان والعمل الصالح. ولكن مع ذلك لا يجوز أن يُعتبرَ فاعلُ السحاق محسنة أم مسيئة، مخطئة أم مصيبة، ولا سيما تُعتبر ناقصة الإنسانية”.

فهذه هي حقيقة مفهوم “المساواة” لدى اللبراليين الذين يلبسون الحق بالباطل باسم الإنسانية، والعدالة، واحترام الحقوق الإنسانية.

وحينما سئلت عن حجتها في جواز صلاة المرأة بالرجال، قالت: “لا توجد أية آية قرآنية ولا حديث نبوي يمنع صلاة المرأة بالرجال”. فقول آمنة ليس فقط باطلا، بل هو ضال ومضل. فالقاعدة الفقهية تذكر أن الأصل في العبادة حرام، حتى يدل الدليل على خلافه. هذا ولأن العبادة ليست أمرا ابتكاريا يبتكرها الإنسان كيفما شاء حسب مقتضى الزمان والمكان والمصلحة.

وقصارى القول، أن المحاضرة العامة التي قامت بها آمنة ودود في الجامعة الإسلامية الحكومية بجاكرتا مؤسفة جدا. كيف يمكن للجامعة الإسلامية التي هي مصدر دراسة العلوم الإسلامية ومركز بناء أجيال المسلمين، أتاحت الفرصة والمكان لهؤلاء اللبراليين الراديكاليين مثل آمنة ودود، وفتحت الأبواب على مصراعيها لنشر آرائها الضالة بكل طلاقة على غير محضر من أي مُناقش يجادلها. فوجود هذه المحاضرة في الجامعة الإسلامية ليست فقط باطلة بالنظر من الناحية الأكاديمية، وإنما هي خيانة لرسالتها إلى الأمة الإسلامية.

والعجب كل العجب، فقد صرّح نائب عميد كلية أصول الدين في كلمته الترحيبية برجاء تكرار زيارة آمنة إلى الجامعة الإسلامية الحكومية بجاكرتا في الأيام القادمة.

 

الخاتمة

إن جامعة “شريف هداية الله” الإسلامية الحكومية هي كبرى مؤسسة أكاديمية إسلامية تعنى بتطوير التراث والحضارة الإسلامية. فعلى كل مسؤول الجامعة أن لا يشغل نفسه بالمناورة السياسية لغرض وصول المصلحة الذاتية القاصرة. والمحاضرة التي قامت بها آمنة ودود هي مأساة علمية تتولد من تصرفات الأكاديميين السياسيين. وأما آراء آمنة ودود فتكشف عن حقيقة مفهوم المساواة بين الجنسين، حيث إن هذه المساواة لا تنشأ إلا  عن الشعور بالاضطهاد، وتسير مع الغضب، وتتم بكراهية الرجال.

 

*باحث بمؤسسة التمدن لمقاومة الغزو الفكري بجاكرتا، حصل ماجستير في كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية بالجامعة الإسلامية العالمية ماليزيا في عام 2004م

Leave a Reply